كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٠٨) وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (١٠٩) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠) وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى
____________________________________
الأوثان وطاعة الشّيطان بالحرمان والخذلان (زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ) من الخير والشّرّ.
(١٠٩) (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) اجتهدوا في المبالغة في اليمين (لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها) وذلك أنّه لمّا نزل : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ ...)(١) الآية. أقسم المشركون بالله لئن جاءتهم آية ليؤمننّ بها ، وسأل المسلمون ذلك ، وعلم الله سبحانه أنّهم لا يؤمنون ، فأنزل الله هذه الآية. (قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) هو القادر على الإتيان بها (وَما يُشْعِرُكُمْ) وما يدريكم إيمانهم ، أي : هم لا يؤمنون مع مجيء الآيات إيّاهم ، ثمّ ابتدأ فقال : (أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) ومن قرأ «أنّها» (٢) بفتح الألف كانت بمعنى «لعلّها» ، ويجوز أن تجعل «لا» زائدة مع فتح «أنّ».
(١١٠) (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ) نحول بينهم وبين الإيمان لو جاءتهم تلك الآية بتقليب قلوبهم وأبصارهم عن وجهها الذي يجب أن تكون عليه فلا يؤمنون (كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ) بالقرآن ، أو بمحمّد [عليهالسلام] (أَوَّلَ مَرَّةٍ) أتتهم الآيات ، مثل انشقاق القمر وغيره (وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) أخذلهم وأدعهم في ضلالتهم يتمادون.
الجزء الثامن :
(١١١) (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ) فرأوهم عيانا (وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى) فشهدوا لك
__________________
(١) الآية : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) [الشعراء : ٤].
(٢) قرأ «أنّها» بفتح الهمزة نافع ، وابن عامر ، وعاصم بخلف عن شعبة ، وحمزة ، والكسائي. انظر : الإتحاف ص ٢١٥.