فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٩٣) وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٩٤) إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥) فالِقُ الْإِصْباحِ
____________________________________
ذكرهم (فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) شدائده وأهواله (وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) إليهم بالضّرب والتّعذيب (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) أي : يقولون ذلك ونفس الكافر تخرج بمشقة وكره ، لأنّها تصير إلى أشدّ العذاب ، والملائكة يكرهونهم على نزع الرّوح ، ويقولون : (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) كرها (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ) أي : العذاب الذي يقع به الهوان الشّديد (بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِ) من أنّه أوحي إليكم ولم يوح (وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) عن الإيمان بها تتعظّمون.
(٩٤) (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى) يقال للكفّار في الآخرة : جئتمونا فرادى بلا أهل ، ولا مال ، ولا شيء قدّمتموه (كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) كما خرجتم من بطون أمّهاتكم (وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ) ملّكناكم وأعطيناكم من المال والعبيد والمواشي (وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ) وذلك أنّ المشركين كانوا يعبدون الأصنام على أنّهم شركاء الله وشفعاؤهم عنده (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) وصلكم ومودتكم (وَضَلَّ عَنْكُمْ) ذهب عنكم (ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) تكذّبون في الدّنيا.
(٩٥) (إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِ) شاقّه بالنّبات (وَالنَّوى) بالنّخلة (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) يخرج النّطفة بشرا حيّا (وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ) النّطفة (مِنَ الْحَيِ) وقيل : يخرج المؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن (ذلِكُمُ اللهُ) الذي فعل هذه الأشياء التي تشاهدونها ربكم (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) فمن أين تصرفون عن الحقّ بعد البيان!
(٩٦) (فالِقُ الْإِصْباحِ) شاقّ عمود الصّبح عن ظلمة اللّيل وسواده ، على معنى أنّه خالقه