إِلاَّ
كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤) فَقَدْ كَذَّبُوا
بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ
يَسْتَهْزِؤُنَ (٥) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ
أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ
نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا
الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا
مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٦)
وَلَوْ
نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ
الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) وَقالُوا لَوْ لا
أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا
يُنْظَرُونَ (٨)
____________________________________
وخلق اللّيل والنّهار (إِلَّا كانُوا عَنْها
مُعْرِضِينَ) تاركين التّفكّر فيها.
(٥) (فَقَدْ كَذَّبُوا) يعني : مشركي أهل مكة (بِالْحَقِّ لَمَّا
جاءَهُمْ) يعني : القرآن (فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ
أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي : أخبار استهزائهم وجزاؤه.
(٦) (أَلَمْ يَرَوْا) يعني : هؤلاء الكفّار (كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ
قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) من جيل وأمّة (مَكَّنَّاهُمْ فِي
الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) أعطيناهم من المال والعبيد والأنعام ما لم نعطكم (وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ) المطر (عَلَيْهِمْ مِدْراراً) كثير الدّرّ ، وهو إقباله ونزوله بكثرة (فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) بكفرهم (وَأَنْشَأْنا) أوجدنا (مِنْ بَعْدِهِمْ
قَرْناً آخَرِينَ) وهذا احتجاج على منكري البعث.
(٧) (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ ...) الآية. قال مشركو مكّة : لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب
من السّماء [جملة واحدة] معاينة ، فقال الله : (وَلَوْ نَزَّلْنا
عَلَيْكَ كِتاباً) أي : مكتوبا (فِي قِرْطاسٍ) يعني : الصّحيفة (فَلَمَسُوهُ
بِأَيْدِيهِمْ) فعاينوا ذلك معاينة ، ومسّوه بأيديهم (لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا
إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ). أخبر الله تعالى أنّهم يدفعون الدّليل حتى لو رأوا
الكتاب ينزل من السّماء لقالوا : سحر.
(٨) (وَقالُوا : لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ
مَلَكٌ) طلبوا ملكا يرونه يشهد له بالرّسالة ، فقال الله عزوجل : (وَلَوْ أَنْزَلْنا
مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ) لأهلكوا بعذاب الاستئصال ، كسنّة من قبلهم ممّن طلبوا
الآيات فلم يؤمنوا (ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ) لا يمهلون لتوبة ولا لغير ذلك.
__________________