فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (٥٩) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (٦٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (٦١) فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ
____________________________________
(٥٩) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) وهم العلماء والفقهاء. وقيل : الأمراء والسّلاطين ، وتجب طاعتهم فيما وافق الحقّ. (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ) اختلفتم وتجادلتم وقال كلّ فريق : القول قولي ، فردّوا الأمر في ذلك إلى كتاب الله وسنّة رسوله (ذلِكَ خَيْرٌ) أي : ردّكم ما اختلفتم فيه إلى الكتاب والسنة ، وردّك التجادل (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) وأحمد عاقبة.
(٦٠) (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ ...) الآية. وقع نزاع بين يهوديّ ومنافق ، فقال اليهوديّ : بيننا أبو القاسم ، وقال المنافق : لا بل نحكّم بيننا كعب بن الأشرف ، فنزلت هذه الآية. وهو قوله : (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) ومعناه : ذو الطّغيان (وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) أي : أمروا أن لا يوالوا غير أهل دينهم (وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) لا يرجعون عنه إلى دين الله أبدا ، وهذا تعجيب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم من جهل من يعدل عن حكم الله إلى حكم الطّاغوت مع زعمه بأنّه يؤمن بالله ورسوله.
(٦١) (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) أي : للمنافقين (تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ) أي : في القرآن من الحكم (وَإِلَى الرَّسُولِ) وإلى حكم الرّسول (رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) يعرضون عنك إعراضا إلى غيرك عداوة للدّين.
(٦٢) (فَكَيْفَ) أي : فكيف يصنعون ويحتالون (إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) مجازاة لهم على ما صنعوا ، وهو قوله : (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) وتمّ الكلام هاهنا ، ثمّ عطف على معنى ما سبق فقال : (ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ) أي : تحاكموا إلى الطّاغوت ،