لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢) كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاَّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٩٣) فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩٤)
____________________________________
الجزء الرابع :
(٩٢) (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ) [التقوى. وقيل :](١) أي : الجنّة (حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) أي : تخرجوا زكاة أموالكم.
(٩٣) (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ) أي : حلالا (إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) وذلك أنّ يعقوب عليهالسلام مرض مرضا شديدا ، فنذر لئن عافاه الله تعالى ليحرّمنّ أحبّ الطّعام والشّراب إليه ، وكان أحبّ الطّعام والشّراب إليه لحمان الإبل وألبانها ، فلمّا ادّعى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّه علم دين إبراهيم عليهالسلام قالت اليهود : كيف وأنت تأكل لحوم الإبل وألبانها؟ فقال النّبيّ عليهالسلام : كان ذلك حلالا لإبراهيم عليهالسلام ، فادّعت اليهود أنّ ذلك كان حراما عليه ، فأنزل الله تعالى تكذيبا لهم (٢) ، وبيّن أنّ ابتداء هذا التّحريم لم يكن في التّوراة ، إنّما كان قبل نزولها ، وهو قوله : (مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ ...) الآية.
(٩٤) (فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) أي : بإضافة هذا التّحريم إلى الله عزوجل على إبراهيم في التّوراة (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) من بعد ظهور الحجّة بأنّ التّحريم إنّما كان من جهة يعقوب عليهالسلام (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) أنفسهم.
__________________
(١) زيادة من ظ.
(٢) أخرجه أحمد ١ / ٢٤٧ ؛ والطبراني في المعجم الكبير ٢ / ٢٤٦ ؛ وابن أبي حاتم في تفسير آل عمران ص ٣٩٦ ؛ وابن جرير ٤ / ٢ عن ابن عباس. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٨ / ٢٤٢ : ورجاله ثقات.