فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢١٣) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ (٢١٤) يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢١٥)
____________________________________
محمّد بعد وضوح الدّلالات لهم بغيا وحسدا إلّا اليهود الذين أوتوا الكتاب ؛ لأنّ المشركين ـ وإن اختلفوا في أمر محمّد عليهالسلام ـ فإنّهم لم يفعلوا ذلك للبغي والحسد ، ولم تأتهم البيّنات في شأن محمّد عليهالسلام ، كما أتت اليهود ، فاليهود مخصوصون من هذا الوجه (فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) ل معرفة (لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ) بعلمه وإرادته فيهم.
(٢١٤) (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ...) الآية. نزلت (١) في فقراء المهاجرين حين اشتدّ الضّرّ عليهم ؛ لأنّهم خرجوا بلا مال ، فقال الله لهم [أي لهؤلاء المهاجرين] : أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة من غير بلاء ولا مكروه (وَلَمَّا يَأْتِكُمْ) أي : ولم يأتكم (مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا) أي : مثل محنة الذين مضوا (مِنْ قَبْلِكُمْ) أي : ولم يصبكم مثل الذي أصابهم ، فتصبروا كما صبروا (مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ) الشدّة (وَالضَّرَّاءُ) المرض والجوع (وَزُلْزِلُوا) أي : حرّكوا بأنواع البلاء (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ) أي : حين استبطئوا النّصر ، فقال الله : (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) أي : أنا ناصر أوليائي لا محالة.
(٢١٥) (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) نزلت في عمرو بن الجموح (٢) ، وكان شيخا كبيرا وعنده
__________________
(١) وهذا قول عطاء ، ذكره في الأسباب ص ٩٨ ، وغالب المفسرين على أنّ الآية نزلت في غزوة الخندق. انظر : ابن جرير ٢ / ٣٤١ ؛ وبحر العلوم ١ / ٦١٩ ؛ وأسباب النزول ص ٩٨ ؛ ولباب النقول ص ٤١ ؛ وتفسير القرطبي ٣ / ٣٣.
(٢) انظر : أسباب النزول ص ٩٨ ؛ وغرر التبيان ص ٦٨ ؛ ولباب النقول ص ٤١.