وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (٢٠٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٠٨) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٠٩) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ
____________________________________
(٢٠٧) (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي) أي : يبيع (نَفْسَهُ) يعني : يبذلها لأوامر الله تعالى (ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) لطلب رضا الله. نزلت في صهيب الرّوميّ (١).
(٢٠٨) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ) أي : في الإسلام (كَافَّةً) أي : جميعا ، أي : في جميع شرائعه. نزلت في عبد الله بن سلام وأصحابه (٢) ، وذلك أنّهم بعد ما دخلوا في الإسلام عظّموا السّبت ، وكرهوا لحمان الإبل فأمروا بترك ذلك ، وإنّه ليس من شرائع الإسلام تحريم السّبت وكراهة لحوم الإبل (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) أي : آثاره ونزغاته (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ).
(٢٠٩) (فَإِنْ زَلَلْتُمْ) تنحّيتم عن القصد بتحريم السّبت ولحوم الإبل (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ) أي : القرآن (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ) في نقمته لا تعجزونه ولا يعجزه شيء (حَكِيمٌ) فيما شرع لكم من دينه.
(٢١٠) (هَلْ يَنْظُرُونَ) أي : هل ينتظرون. يعني : التّاركين الدّخول في الإسلام ، و «هل» استفهام معناه النّفي ، أي : ما ينتظر هؤلاء في الآخرة (إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ) عذاب (اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) والظّلل جمع : ظلّة ، وهي كلّ ما أظلّك ، والمعنى : إنّ العذاب يأتي فيها ، ويكون أهول (وَالْمَلائِكَةُ) أي : الملائكة الذين وكّلوا بتعذيبهم
__________________
(١) أخرج ابن جرير ٢ / ٣٢١ عن عكرمة في الآية قال : نزلت في صهيب الرومي وأبي ذر الغفاري ؛ والحاكم ٢ / ٤٠٠.
وانظر : أسباب النزول ص ٩٦ ؛ وغرر التبيان ص ٦٧ ؛ ولباب النقول ص ٤٠.
(٢) أخرجه الواحدي في الأسباب ص ٩٧ عن ابن عباس ، وقال الطبري ٢ / ٣٢٥ : والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إنّ الله جلّ ثناؤه أمر الذين آمنوا بالدخول في العمل بشرائع الإسلام كلها.