فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ (٢٠٤) وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ (٢٠٥) وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ (٢٠٦)
____________________________________
(فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ) من أيام التّشريق فنفر في اليوم الثّاني من منى (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) في تعجّله ، (وَمَنْ تَأَخَّرَ) عن النّفر إلى اليوم الثالث (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) في تأخّره (لِمَنِ اتَّقى) أي : طرح المأثم يكون لمن اتّقى في حجّه تضييع شيء ممّا حدّه الله تعالى.
(٢٠٤) (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ ...) الآية. يعني : الأخنس بن شريق (١) ، وكان منافقا حلو الكلام ، حسن العلانية سيّئ السّريرة ، وقوله : (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) لأنّ قوله إنّما يعجب النّاس في الحياة الدّنيا ، ولا ثواب له عليه في الآخرة (وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ) لأنّه كان يقول للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم : والله ، إنّي بك لمؤمن ، ولك محبّ (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) أي : شديد الخصومة ، وكان جدلا بالباطل.
(٢٠٥) (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ ...) الآية ، وذلك أنّه رجع إلى مكّة ، فمرّ بزرع وحمر للمسلمين ، فأحرق الزّرع وعقر الحمر ، فهو قوله : (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ) أي : نسل الدّوابّ.
(٢٠٦) (وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ) وإذا قيل له : مهلا مهلا (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) حملته الأنفة وحميّة الجاهليّة على الفعل بالإثم (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ) كافيه الجحيم جزاء له (وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) ولبئس المقرّ جهنّم.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير عن السدي ٢ / ٣١٢. وانظر : الأسباب ص ٩٦ ؛ وغرر التبيان ص ٦٧ ؛ ولباب النقول ص ٤٠.