وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٨٥) وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي
____________________________________
والأحكام (وَالْفُرْقانِ) الفرق بين الحقّ والباطل (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ) فمن حضر منكم بلده في الشّهر (فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) أعاد هاهنا تخيير المريض والمسافر ؛ لأنّ الآية الأولى وردت في التّخيير للمريض والمسافر والمقيم ، وفي هذه الآية نسخ تخيير المقيم (١) ، فأعيد ذكر تخيير المريض والمسافر ليعلم أنّه باق على ما كان (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) بالرّخصة للمسافر والمريض (وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) لأنّه لم يشدّد ولم يضيّق عليكم (وَلِتُكْمِلُوا) [عطف على محذوف] والمعنى : يريد الله بكم اليسر ، ولا يريد بكم العسر ليسهل عليكم (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) أي : ولتكملوا عدّة ما أفطرتم بالقضاء إذا أقمتم وبرأتم (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ) يعني التّكبير ليلة الفطر إذا رئي هلال شوال (عَلى ما هَداكُمْ) أرشدكم من شرائع الدّين.
(١٨٦) (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي ...) الآية. سأل بعض الصّحابة النبيّ صلىاللهعليهوسلم : أقريب ربّنا فنناجيه ، أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢) ، وقوله تعالى : (فَإِنِّي
__________________
(١) وهذا قول معاذ بن جبل ، وابن عمر ، وعكرمة ، والحسن ، وعطاء ، وإليه ذهب الشافعي.
انظر : الإيضاح ص ١٥٠ ؛ وأحكام القرآن للهراسي ١ / ٦٤.
(٢) أخرجه ابن جرير ٢ / ١٥٨ ، عن معاوية بن حيدة الصحابي قال : جاء أعرابي إلى النبيّ ، وذكره. وانظر : لباب النقول ص ٣٣. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ١ / ١٠٨ عن كعب قال : قال موسى عليهالسلام : أي ربّ ، أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ قال : يا موسى ، أنا جليس من ذكرني ، قال : يا ربّ ، فإنا نكون من الحال على حال نعظّمك أو نجلّك أن نذكرك عليها ، قال : وما هي؟ قال : الجنابة والغائط. قال : يا موسى ، اذكرني على كلّ حال.