عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ عَلَيْكُمُ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣) أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٤) شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى
____________________________________
يعني : كما أوجب (عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) أي : أنتم متعبّدون بالصّيام كما تعبّد من قبلكم (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) لكي تتقوا الأكل والشّرب والجماع في وقت وجوب الصّوم.
(١٨٤) (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) يعني : شهر رمضان (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ) فأفطر (فَعِدَّةٌ) أي : فعليه عدّة ، أي : صوم عدّة. يعني : بعدد ما أفطر (مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) سوى أيّام مرضه وسفره (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) هذا كان في ابتداء الإسلام ؛ من أطاق الصوم جاز له أن يفطر ، ويطعم لكلّ يوم مسكينا مدّا من طعام ، فنسخ (١) بقوله : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ). (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) زاد في الفدية على مدّ واحد (فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) أي : والصّوم خير لكم من الإفطار والفدية ، وهذا [إنّما] كان قبل النّسخ.
(١٨٥) (شَهْرُ رَمَضانَ) أي : هي شهر رمضان. يعني : تلك الأيام المعدودات شهر رمضان (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) أنزل جملة واحدة من اللّوح المحفوظ في ليلة القدر من شهر رمضان ، فوضع في بيت العزّة في سماء الدّنيا ، ثمّ نزل به جبريل عليهالسلام على محمد صلىاللهعليهوسلم نجوما نجوما عشرين سنة (٢)(هُدىً لِلنَّاسِ) هاديا للنّاس (وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى) وآيات واضحات من الحلال والحرام ، والحدود
__________________
(١) ويؤيده ما أخرج البخاري عن سلمة بن الأكوع قال : لمّا نزلت : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) ، كان من أراد أن يفطر ويفتدي ، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها. فتح الباري ٨ / ١٨١. وأخرجه مسلم أيضا برقم ١١٤٥ ؛ وأبو داود برقم ٢٣١٥ ؛ والنسائي في تفسيره ١ / ٢١٧ ؛ والنحاس في الناسخ ص ٢٦.
(٢) الخبر أخرجه ابن جرير ٢ / ١٤٤ عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير.