تَعْبُدُونَ (١٧٢) إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٧٣) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ
____________________________________
تَعْبُدُونَ) أي : إن كانت العبادة لله واجبة عليكم بأنّه إلهكم فالشّكر له واجب ؛ بأنه منعم عليكم ، ثمّ بيّن المحرّم ما هو فقال :
(١٧٣) (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) وهي كلّ ما فارقه الرّوح من غير ذكاة ممّا يذبح (وَالدَّمَ) يعني : الدّم السّائل لقوله في موضع آخر : (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً)(١) وقد دخل هذين الجنسين الخصوص بالسّنّة ، وهو قوله صلىاللهعليهوسلم : [أحلّت لنا ميتتان ودمان] الحديث (٢). وقوله تعالى : (وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) يعني : الخنزير بجميع أجزائه ، وخصّ اللّحم لأنّه المقصود بالأكل (وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) يعني : ما ذبح للأصنام ، فذكر عليه غير اسم الله تعالى (فَمَنِ اضْطُرَّ) أي : أحوج وألجئ في حال الضّرورة. [وقيل : من أكره على تناوله ، وأجبر على تناوله كما يجبر على التّلفّظ بالباطل](٣)(غَيْرَ باغٍ) أي : غير قاطع للطّريق مفارق للأئمة مشاقّ للأمّة (وَلا عادٍ) ولا ظالم متعدّ ، فأكل (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) وهذا يدلّ على أنّ العاصي بسفره لا يستبيح أكل الميتة عند الضّرورة (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) للمعصية فلا يأخذ بما جعل فيه الرّخصة (رَحِيمٌ) حيث رخّص للمضطر.
(١٧٤) (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ) يعني : رؤساء اليهود (وَيَشْتَرُونَ بِهِ)
__________________
(١) الآية : (قُلْ : لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) [سورة الأنعام : الآية ١٤٥].
(٢) أخرجه الشافعي في الأم ٢ / ٤٢٥ ؛ وأحمد ٢ / ٩٧ ؛ وابن ماجه برقم ٣٣١٤ ، وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وهو ضعيف ، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١ / ٢٥٤ من طريق آخر عن ابن عمر موقوفا ، ثم قال : وهذا إسناد صحيح.
(٣) ما بين [ ] من نسخة الأصل ، وليس هو في باقي النسخ.