ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٤) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (١٧٥) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (١٧٦) لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ
____________________________________
بما أنزل الله من نعت محمّد صلىاللهعليهوسلم في كتابهم (ثَمَناً قَلِيلاً) يعني : ما يأخذون من الرّشا على كتمان نعته (أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ) إلّا ما هو عاقبته النّار (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي : كلاما يسرّهم (وَلا يُزَكِّيهِمْ) ولا يطهّرهم من دنس ذنوبهم.
(١٧٥) (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ) استبدلوها (بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ) حين جحدوا أمر محمّد صلىاللهعليهوسلم وكتموا نعته (فَما أَصْبَرَهُمْ) أي : فأيّ شيء صبّرهم على النّار ، ودعاهم إليها حين تركوا الحقّ واتبعوا الباطل؟! وهذا استفهام معناه التّوبيخ لهم. [وقيل : ما أجرأهم على النار!](١).
(١٧٦) (ذلِكَ) أي : ذلك العذاب لهم (بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) يعني : القرآن فاختلفوا فيه (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ) فقالوا : إنّه رجز ، وشعر ، وكهانة ، وسحر (لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) لفي خلاف للحقّ طويل.
(١٧٧) (لَيْسَ الْبِرَّ ...) الآية. كان الرّجل في ابتداء الإسلام إذا شهد الشّهادتين ، وصلّى إلى أيّ ناحية كانت ثمّ مات على ذلك وجبت له الجنّة ، فلمّا هاجر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونزلت الفرائض وصرفت القبلة إلى الكعبة أنزل الله تعالى هذه الآية (٢) ، فقال : (لَيْسَ الْبِرَّ) كلّه أن تصلّوا ولا تعملوا غير ذلك (وَلكِنَّ الْبِرَّ) أي : ذا البرّ (مَنْ
__________________
(١) ما بين [ ] من نسخة الأصل ، وليس هو في باقي النسخ.
(٢) أخرجه ابن جرير ٢ / ٩٤ عن قتادة. وانظر : أسباب النزول ص ٨٢ ؛ ولباب النقول ص ٣٢.