وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (١٦٩) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٧٠) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (١٧١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ
____________________________________
حرّموا على أنفسهم السّوائب والوصائل والبحائر ، فأعلم الله سبحانه أنّها يحلّ أكلها ، وأنّ تحريمها من عمل الشّيطان ، فقال : (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) أي : سبله وطرقه ، ثمّ بيّن عداوة الشّيطان ، فقال :
(١٦٩) (إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ) بالمعاصي (وَالْفَحْشاءِ) البخل ، وقيل : كلّ ذنب فيه حدّ (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) من تحريم الأنعام والحرث.
(١٧٠) (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ) أي : لهؤلاء الذين حرّموا من الحرث والأنعام أشياء : (اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا) ما وجدنا (عَلَيْهِ آباءَنا) فقال الله تعالى منكرا عليهم : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) يتّبعونهم؟ والمعنى : أيتّبعون آباءهم وإن كانوا جهّالا؟! ثمّ ضرب للكفّار مثلا ، فقال :
(١٧١) (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا) في وعظهم ودعائهم إلى الله عزوجل (كَمَثَلِ) الرّاعي (الَّذِي يَنْعِقُ) يصيح بالغنم وهي لا تعقل شيئا ، ومعنى ينعق : يصيح ، وأراد (بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً) البهائم التي لا تعقل ولا تفهم ما يقول الرّاعي ، إنّما تسمع صوتا لا تدري ما تحته ، كذلك الذين كفروا يسمعون كلام النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وهم كالغنم ؛ إذ كانوا لا يستعملون ما أمرهم به ، ومضى (١) تفسير قوله : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) ، ثمّ ذكر أنّ ما حرّمه المشركون حلال ، فقال :
(١٧٢) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) أي : حلالات ما رزقناكم من الحرث والنّعم وما حرّمه المشركون على أنفسهم منهما (وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ
__________________
(١) انظر ص ٩٤ عند آية ١٨.