المدرسة الحلّية سجّلت حضوراً فاعلاً وانعطافاً استثنائياً لأربع قرون هجرية من تاريخ الفقه الإمامي الإسلامي : القرن السادس ، السابع ، الثامن ثمّ التاسع.
لقد اجتمع في الحلّة عدد كبير من الطلاّب والعلماء والفقهاء وبانتقالهم إليها انتقل معهم النشاط العلمي من مدرسة النجف وبغداد حيث مجالس النظر والجدل وحلقات الدراسات في البيوت والمساجد والمكتبات العامرة.
إنّ أوّل من وطأها دار علم ومعرفة هو الشيخ ابن إدريس الحلّي صاحب السرائر من الفقهاء المبرّزين الذي نقل الدرس الفقهي من النجف وهو تلميذها إلى الحلّة ليصبح زعيمها ويعدّ هذا الشيخ أوّل من ناقش آراء الشيخ الطوسي التي هيمنت على الساحة الفقهية ردحاً من الزمن وأوّل من فنّد بعضاً من تلك الآراء(١) ، واستقرّت في ما بعد المدرسة الحلّية على هذه الحالة ونبغ منها علماء مجدّدون وفقهاء إصلاحيّون لهم الأثر الكبير في تطوير الممارسة الاجتهادية وصياغة جديدة لمنظومة (الاجتهاد) ولهم قصب السبق في إحداث منهجية متقدّمة سواء على صعيد المباحثة والدراسة أو على صعيد التدوين الفقهي وكان في مقدّمهم ابن إدريس والمحقّق والعلاّمة وفخر المحقّقين والشهيد الأوّل وابن أبي الفوارس.
إنّ المعالجة التاريخية لتطوّر الدرس الفقهي هي من الأهمّية بمكان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) أمل الأمل : تقديم الروضة البهية ١ / ١١٢ ، موسوعة محمّد باقر الصدر السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق : ٥٣.