لعلّ أبرزها مركزيّته السياسية وتأثيره في الحكم وفتنة (اليالوش) ومنهجيّته في التقريب بين المذاهب الإسلامية ، فاعتقل سنة كاملة خلالها كان منشغلاً بالتأليف والتصنيف علميّاً ، وروحانيّاً منشغلاً بالذكر والعبادة ، وفي محنته هذه زاره محبّوه ومريدوه ومقلّدوه في معتقله فخشي النواصب على مقاماتهم وضمروا له الضغينة والدسيسة ممّا حدا بشهيدنا الأوّل أن يبعث إلى (بيدمر) بقصيدة مؤثّرة تنبئك أبياتها عن واقع الحال وشدّة المآل :
لا تسمعنَّ فيّ أقوال الوشاة فقد |
|
باؤوا بزور وإفك ليس ينحصرُ |
والله والله أيماناً مؤكّدةً |
|
أنّي بريءٌ من الإفك الذي ذكروا |
الفقه والنحو والتفسير يعرفني |
|
ثمّ الأصولان والقرآن والأثرُ(١) |
ولكن أنّى لهم بالجواب فالحقد يعمي ويصمّ ، وحيث هنا وما أدراك ما هنا؟ إنّها ساحة من محضر القدس الإلهي حيث قتل بالسيف صابراً محتسباً وأمر بصلبه وهو مقتول بمرأى من الناس ، ورضّوا جسده الطاهر بالحجارة وإلى ذاك لم يشف غليلهم ولم يهدأ مرضهم فقد أحرقوه بعد أن تركوا جثّته المباركة تذروها الرياح ، المقام هنا لاتشرحه العبارة وتقصر دونه البلاغة ، بيد أنّه لما رأينا ما جرى بنا وبأهلنا المضطهدين في العراق بعدما ألفنا وعايشنا ثالوث : التكفير والتهجير والتفجير فلا نندهش لهول ما أصاب شهيدنا الأوّل فالقوم أبناء القوم وتلك لعمري فترة مظلمة بالارتداد العقائدي والفراغ الفكري والهزال الروحي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) تقديم الروضة البهية ١ / ١٤٥.