ومن الممكن أن تكون هذه الكتب سائغة عند البعض ولكن مع مرور الزمن نراها قد أصبحت اليوم منسيّةً ومتروكةً لا يركن إليها إلاّ جاهل لا يعرف من أصول العلم والنقد شيئاً(١) ؛ لأنّ النقد قبل كلّ شيء إنّما يقوم على عفّة اللسان وأدب الكلام ثمّ على أصول ثابتة من العلم والعقل والمنطق حتّى يقع النقد موقع القبول ويؤثر في القلوب والعقول ، ومن الطبيعي إذا كتب المنتقد نقداً هزيلا فإنّه حينئذ يزيد من قيمة الكتاب الذي ينتقده ويعلو من شأنه ويرغّب الناس إلى قرائته.
قالت الدكتورة بنت الشاطي في مقالتها ردّاً على الشيخ السباعي في نقده اللاذع على الأضواء :
«إنّ الذي أومن به أنّ أسلوب القذف والسباب تأباه الخصومة الفكرية التي لا تجيز غير سلاح الفكرة والمنطق والدليل ، ثمّ هو لا يغني عن الحقّ شيئاً ، بل لعلّه أجدر بأن يضعّف مركزنا بما يثير من نفور القارئ الواعي وما يُلقى في روعه من وهن مركزنا ، بحيث لا نملك إلاّ أن نستعين على خصومنا بالشتائم واللعنات...».
قبل أن نختم الكلام وقفنا على كلمة للأستاذ محمّد عبدالله عنان في تعريفه لكتاب السنّة ومكانتها في التشريع للسباعي ، قال رَحِمَهُ الله بعد ذكر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) كما تحقّق ذلك في ردود الكتاب ، على أنّ الأضواء قد بلغت طبعاته المئات ومن دور نشر مختلفة في العراق والحجاز وإيران ولم تطبع كتب الردود عليه غير الطبعة الأولى. وصدق أبو ريّة في ذلك حيث قال : سيبقى هذا الكتاب ـ إن شاء الله ـ منارة عالية تهدي إلى معالم تاريخ الحديث المحمّدي على مدّ التاريخ كلّه ما دام هذا الحديث يقرأ أويدرس بين الناس في الأرض.