وكان في النفس حسرة ، وفي القلب لوعة من هذه الحال التي وصل إليها المسلمون في هذا العصر المتحرّك العامل ، ولكنّ الله سبحانه الذي وعد بحفظ (الذكر) الذي أنزله ـ وحفظه بالعمل به ، ولا يأتي العمل به إلاّ بتبيينه ، ولا يبيّنه إلاّ وارث للنبوة ـ قيّض له في هذا العصر الإمام الكبير الحافظ السيّد محمّد رشيد رضا ، ذلك الذي ورث علم الأستاذ الإمام الشيخ محمّد عبده ، فأنشأ يفسّره على طريقته القويمة التي لا يفسّر الكتاب العزيز بغيرها ، والتي ما جاء الدين الإسلامي إلاّ بها ، ولا عمل الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلاّ عليها ، تلك هي فهم الكتاب العزيز من حيث هو (دين يرشد الناس إلى ما فيه سعادتهم في حياتهم الدنيا والآخرة).
وإذا كانت الأصول الدينية قد جاء بها الكتاب وبيّنتها السنّة الصحيحة ؛ فإنّ تفسير المنار الذي هو منار التفاسير قد أوفى على الغاية من بيان ذلك ، ولا غرو فهو التفسير الوحيد الجامع بين صحيح المأثور وصريح المعقول ، الذي بيّن حكمة التشريع ، وسنن الله في الاجتماع البشري ، وكون القرآن هداية عامّة للبشر في كلّ زمان ومكان ، وحجّة الله وآيته المعجزة.
فتفسيرٌ هذه صفته وذلك أمره يجب على كلّ مسلم يريد أن يعرف دين الله ، دين السلف الصالح ، دين الفرقة الناجية أن يعكف عليه ويتدبّره ؛ ليصبح من الناجين.
هذه كلمة خالصة أملاها عَلَيّ وجداني ، وأنا أستمتع بكنوز هذا التفسير ، أرسلها صادقةً إلى جميع إخواني المسلمين في مشارق الأرض