ويتّخذوا سبيلا إلى فهم مقاصدها وسمّى ذلك السنّة وجعل الله ذلك غاية إنزال القرآن عليه(١).
وللسنّة المحمدية ـ وهي ما حكي عن النبيّ من قول أو فعل أو تقرير ـ من جلال القدر وعلوّ الشأن ورفيع الذكر ما يدعو المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى العناية البالغة بها والبحث الدقيق عنها حتّى يؤخذ بما فيها من دين وأخلاق وحكم وآداب وغير ذلك ممّا ينفعهم في دنياهم وآخرتهم ؛ ولمّا توفّي النبيّ(صلى الله عليه وآله) وقصد الناس سماع حديثه هنا تشتّت الأمر بين الصحابة ، ولم يمتثل أمر رسول الله في تبليغ رسالاته(٢) ؛ وذلك أنّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) يدلّنا على ذلك آيتان من كتاب الله :
(وَأَنْزَلْنا اِلَيْك الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكرُون). النحل : ١٦ : ٤٤.
(وَما أَنْزَلْنا عَلَيْك الْكتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْم يُؤْمِنُون). النحل : ١٦ : ٦٤.
(٢) قال عمر لابن عبّاس : إنّ رسول الله أراد أمراً وأراد الله غيره ، فنفذ مرادُ الله تعالى ولم ينفذ مرادُ رسوله ، أوَكلّما أراد رسولُ الله كان؟! (شرح الحديدي ، ج١٢ ص ٧٩ ، نكت من كلام عمر وسيرته).
وكان ذلك حتّى أمر عمر بن عبد العزيز بتدوين الحديث ، قال يونس بن عبيد سألت الحسن [البصري] قلت : يا أبا سعيد إنّك تقول قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وإنّك لم تدركه؟ فقال يا ابن أخي : لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ولولا منزلتك منّي ما أخبرتك ، إنّي في زمان كما ترى ـ وكان في زمن الحجّاج ـ كلّ شيء سمعتني أقوله قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فهو عن عليّ بن أبي طالب ، غير أنّي في زمان لا أستطيع أن أذكر عليّاً (تهذيب الكمال ، ج٦ ص١٢٤) ؛ والحسن البصري هذا هو الذي شبّهوه بعمر بن الخطّاب في المهابة ومع ذلك يخاف أن يذكر عليّاً. (محو السنة ، ص٩٢).