قال الفرزدق شاهداً لهذا :
هُمُ القَومُ إلاّ حَيثُ سَلّوا سُيوفَهُم |
|
وَضَحّوا بِلَحم مِن مُحِلّ وَمُحرِمِ(١) |
أي : حيث سلّوا سيوفهم ، و (إلاّ) مؤكّدة.
وقال الأخطل :
يقطّعن إلاّ مِن فُروع يُرِدنَها |
|
بِمَدحَةِ مَحمود نَثاهُ وَنائِلُه(٢) |
معناه : يقطعن الإبل من فروع ، والفروع : الواسعة من الأرض.
قال المرتضى رضي الله عنه : والوجوه كالمتقاربة ، إلاّ أنّ الوجه الّذي اختصّ به ابن الأنباريّ فيه أدنى تعسّف وبعد ؛ من حيث جعل (إلاّ) زائدة ، وقد تبقّى في الخبر مسألة ، التشاغل بالجواب عنها أولى ممّا تكلّفه القوم ، وهي متوجّهة إلى الوجوه المذكورة.
وهو أن يقال : كيف يخبر عليه السلام بأنّ من مات له ثلاثة من الأولاد لا تمسّه النار إما جملة ، أو بمقدار تحلّة القسم ؛ وهو النهاية في القلّة! أوليس هذا يوجب أن يكون إغراءً بالذنوب لمن هذه حاله! وإذا كان من يموت له هذا القدر من الأولاد غير خارج عن التكليف ، فكيف يصحّ أن يؤمّن العقاب!
والجواب عن ذلك : أنّا قد علمنا أوّلا خروج هذا الخبر مخرج المدحة لمن هذه صفته ، ولا مدحة في مجرّد موت الأولاد ؛ لأنّ ذلك لا يرجع إلى فعله ، فلا بدّ من أن يكون تقدير الكلام : أنّ النار لا تمسّ المسلم
__________________
(١) ديوان الفرزدق : ٥٣٠.
(٢) ديوان الأخطل : ٢٤٣ ؛ في حين صدر البيت في الديوان : إلَيكُم مِنَ الأَغوارِ حَتّى يَزُرنَكُم.