إذا عصفت رسماً فليس بدائم |
|
به وَتِدٌ إلاَّ تَحِلَّةَ مُقسِمِ(١) |
يقول : لا يثبت الوتد إلاّ قليلاً كتحلّة القسم ، لأنّ هبوب الريح يقلعه.
قال : ومعنى الحديث أنّ النار لا تمسّه إلاّ قليلاً كتحليل اليمين ثمّ ينجّيه الله منها.
قال ابن الأنباريّ : الصواب قول أبي عبيد ، لحجج ثلاث :
منها : أنّ أكابر أهل العلم فسّروه على تفسير أبي عبيد.
ومنها : أنّه ادّعى أنّ النار تمسّه مسّاً قليلاً ، وليس صفة الأبرار صفة من تمسّه النار لا قليلاً ولا كثيراً.
ومنها : أنّ أبا عبيد لم يحكم على هذا المصاب بولده بمسّ النار ، وإنّما حكم عليه بالورود ، والورود لا يوجب ألاّ يكون الوارد من الأبرار ؛ لأنّ (إلاّ) معناه الاستثناء المنقطع ، كأنّه قال : فتمسّه النار لكن تحلّة القسم ، أي لكن ورود النار لا بدّ منه.
فمعنى الحديث : لا يموت للمسلم ثلاثة من الولد فتمسّه النار البتة ، لكن تحلّة القسم لا بدّ منها ، وتحلّة القسم الورود ، والورود لا يقع فيه مسّ.
قال أبو بكر بن الأنباريّ : وقد سنح لي فيه وجه آخر : وهو أن يكون (إلاّ) زائدة دخلت للتوكيد ، و (تحلّة) القسم منصوبة على الوقت والزمان ، ومعنى الخبر : فتمسّه النار ، وقت تحلّة القسم ، و (إلاّ) زائدة.
__________________
(١) شعر عمرو بن أحمر الباهلي : ١٤٨.