الجواب : قلنا : أمّا النّجش فهو المدح والإطراء ، ومنه النّجش في البيع ؛ وهو مدح السلعة والزيادة في ثمنها من غير إرادة شرائها ؛ بل ليقتدي بالزائد في الزيادة غيره ؛ وأصل النجش استخراج الشي ؛ء والتنقير عنه ، قال بعض الشاعر(١) :
أجرِسْ لها يا ابنَ أبي كِباش |
|
فما لها الليلةَ مِن إنفاشِ |
غيرَ السُّرَى وَسائق نَجَّاشِ |
|
أسمَرَ مِثلِ الحَيَّةِ الخَشخاشِ(٢) |
والنجش في البيوع يرجع معناه إلى هذا ؛ لنا من الزيادة في ثمنها ؛ فيكون معنى الخبر على هذا : لا تناجشوا : لا يمدح أحدكم السلعة فيزيد في ثمنها ، وهو لا يريد شرائها ليسمعه غيره فيزيد.
وقد يجوز أن يريد بذلك : لا يمدح أحدكم صاحبه من غير استحقاق ليستدعي منفعته ، ويستثير فائدته ؛ وهذا المعنى أشبه بأن يكون مراده ، لأنّ قوله : (ولا تدابروا) أشدّ مطابقة له.
ومعنى (لا تدابروا) أي لا تهاجروا ويولّي كلّ واحد صاحبه دبر وجهه ، فكأنّه قال : لا تتمادحوا بالمدح الّذي ليس بمستحقّ ، ولا تتهاجروا
__________________
(١) أبو محمّد الفقعسي ، عبد الله بن ربعي بن خالد الحذلمي الفقعسي الأسدي.
(٢) ما تبقى من أراجيز ابي محمّد الفقعسي : ٥٠ ؛ النّجاش : هو المستثير لسيرها ، والمستخرج لما عندها منه ، ومعنى : أجرس لها ، أي أحداً لها لتسمع الحداء فتسير ، وهو مأخوذ من الجرس وهو الصوت ؛ ومعنى الإنفاش ، أراد أنّها لا تترك ترعى ليلاً ، والنفش أن ترعى الإبل ليلاً ، وقد أنفشتها إذا أرسلتها بالليل ترعى. والخشخاش : الخفيف الحركة السريع التقلّب. (أمالي المرتضى ، ١ : ٦٣١).