منها : قال ابن قتيبة : ذهب الأصمعيّ إلى أنّ من تعلّم القرآن من المسلمين لو ألقي في النار لم تحرقه ، فكنّى بالإهاب ـ وهو الجلد ـ عن الجسم.
قال ابن قتيبة : وفي الحديث تأويل آخر ، وهو أنّ القرآن لو كُتِبَ في جلد ، ثمّ ألقي في النار على عهد النبيّ عليه السلام لم تحرقه النار ؛ على وجه الدّلالة على صحّة أمر النبيّ عليه السلام ، ثمّ انقطع ذلك بعده.
قال : وفيه وجه ثالث ؛ وهو أنّ الإحراق إنّما نفي عن القرآن لا عن الإهاب ؛ لأنّ النار تحرق الجلد والمداد ولا تحرق القرآن.
قال ابن الأنباريّ : وكيف يصحّ من ابن قتيبة أنّ النار لا تحرق من قرأ القرآن ولا خلاف بين المسلمين أنّ الخوارج والملحدة والنواصب يقرأون القرآن وتحرقهم النار.
أقول : له أن يقول : لا أسلم أنّها تحرقهم.
وأمّا قوله : إنّه من دلائل النبوّة التي انقطعت بعده ، فما روى هذا الحديث أحد أنّه كان في دلائله.
وقوله : (إنّ النار تحرق الجلد والمداد ، ولم تحرق القرآن) غير صحيح ؛ لأنّه يوجب أنّ القرآن غير مكتوب ؛ وهو محال ؛ لأنّ المكتوب في المصحف هو القرآن.
أقول : للأشاعرة أن يقول : إنّ القرآن صفة الله نفسانية لا تحرقها النار كباقي الصفات.