وقال أبو عبيدة في قوله تعالى : (مِنْ نُطْفَة إِذا تُمْنى)(١) ، معناه إذا تخلق وتقدّر.
وقيل : إنّما إبراهيم لما انتهى إليه قال له الملك : تمنّ ، قال : أتمنّى الجنّة ، فسمّى منى لذلك. والقرن الحبل ؛ وأراد أن الخير والشرّ مجموعان لا يفترقان ؛ من حيث لا يكاد يصيب الإنسان في الدنيا خير صرف لا شرّ فيه ؛ والجديدان ، اللّيل والنهار ، وهما أيضاً الملوان ، والفتيان ، والعصران.
١٤ ـ تأويل خبر
إن سأل سائل عن الخبر الذي يروى عن زيد بن ثابت عن النبيّ عليه السلام أنّه قال : «توضّؤوا ممّا غيّرت النار» ، فقال : ما المراد بالوضوء هنا؟
الجواب : إنّ معنى (توضّؤوا) أي نظّفوا أيديكم من الزُّهومَة(٢) ، لأنّ الأعراب لا يغسلون أيديهم من الزّهومة ، فأمر النبيّ بتنظيف الأيدي لذلك.
وروى محمّد بن المنكدر عن جابر أنّه قال : كان آخر الأمرين من رسول الله ترك الوضوء ممّا مسّت النار.
واشتقاق الوضوء من الوضاءة التي هى الحسن ، فلمّا كان من غسل يده ونظفها قد حسّنها ، قيل : وضّأها ؛ ويقال : فلان وضيء الوجه.
__________________
(١) النجم : ٤٦.
(٢) ريح لحم سمين منتن.