٥ ـ تأويل خبر
روى أبو هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال : «إنّ أحبّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ ؛ فعليكم من الأعمال بما تطيقون ؛ فإنّ الله لا يملّ حتّى تملّوا».
وفي وصفه ـ عليه السلام ـ اللّهَ تعالى بالملل وجوه أربعة :
الأوّل : أنّه أراد نفي الملل عنه ، وأنّه لا يملّ أبداً ، فعلّقه بما لا يقع على سبيل التبعيد كما قال : (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ)(١)
فإن قيل : ومن أين قلتم : إنّ ما علّقه به لا يقع أبداً حتّى حكمتم بأنّه أراد نفي الملل أبدًا؟
قلنا : معلوم أنّ الملل لا يشمل البشر في جميع آرائهم وأوطارهم.
والثاني : أن يكون المعنى أنّه لا يغضب عليكم ويطرحكم حتّى تتركوا العمل له ، وتعرضوا عن سؤاله ، والرغبة إلى جوده ؛ فسمّى الفعلين مللاً ؛ وإن لم يكونا في الحقيقة كذلك ؛ على مذهب العرب في تسميتها الشيء باسم غيره ، إذا وافق معناه في وجه ، قال عديّ(٢) :
__________________
(١) الأعراف ٤٠.
(٢) هو عدي بن زيد العباديّ.