ثمّ أضحوْا لَعب الدهرُ بهم |
|
وكذاك الدهرُ حالاً بعد حال(١) |
فنسب اللّعب والفناء إلى الدهر تشبيهاً.
والثالث : أن يكون المعنى أنّ الله(٢) لا يقطع عنكم فضله وإحسانه حتّى تملّوا من سؤاله ، ففعلهم ملل على الحقيقة ، وسمّى فعله تعالى مللاً ، وليس بملل على الحقيقة للازدواج ومشاكلة اللفظين ، المختلفين في المعنى ، ومثله قوله تعالى : (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ)(٣) ، و (وَجَزاءُ سَيِّئَة سَيِّئَةٌ مِثْلُها)(٤) ومثله قول عمرو بن كلثوم التغلبيّ :
أَلا لا يَجهَلَن أَحَدٌ عَلَينا |
|
فَنَجهَلَ فَوقَ جَهلِ الجاهِلينا(٥) |
وإنّما أراد المجازاة على الجهل ، لأنّ العاقل لا يفخر بالجهل.
والرابع : أن يكون الراوي وهم وغلط من الضمّ إلى الفتح : وأن يكون قوله (يملّ) بالضمّ لا بالفتح ، فيكون له معنيان : أحدهما أنّه لا يعاقبكم بالنار حتّى تملّوا عبادته وتعرضوا عن طاعته ، لأنّ الملّة هي مشتوى الخبز ؛ يقال : ملّ الرجل الخبزة وغيرها يملّها ملاًّ إذا اشتواها في الملّة. وقيل : إنّ الجمر لا
__________________
(١) عيون الأخبار ، ٢ : ٣٢٧.
(٢) ما بين المعقوفتين[] المبدوء من هنا والمختوم في أوائل تأويل الخبر اللاحق ليس في النسخة ، فنقلناه عن نصّ أمالي الشريف المرتضى.
(٣) البقرة : ١٩٤.
(٤) الشورى : ٤٠.
(٥) شرح القصائد العشر : ٢٤٩.