تَضَعضَعَ طَودا وائِل بَعدَ مالِك |
|
وَأَصبَحَ مِنها مِعطَسُ العِزِّ أَجدَعا(١) |
وللعرب ملاحن في كلامها ، وإشارات إلى الأغراض ، وتلويحات بالمعاني ، متى لم يفهمها من يعاطي تفسير كلامهم ، وتأويل خطابهم كان ظالماً لنفسه ، متعدّياً طوره.
أمّا أبو عبيد فإنّ خطأه من حيث لم يفطن للغرض في الخبر ، وضلّ عن وجهه ، وإلاّ فالأجذم ما قاله ، لكن لا يليق بهذا الموضع.
وأمّا ابن قتيبة فإنّه غلط من حيث لم يفطن للوجه في الخبر ، ومن حيث ظنّ أنّ العقوبة لا تكون إلاّ في محلّ الذّنب ، وهذا القول يوجَب عليه ألاّ يُجلَد ظهر الزاني ، ويخصّ العقوبة بفرجه ، والقاذف يعاقب في لسانه ؛ والخبر الّذي استشهد به حجّة عليه ، لأنّا نعلم أنّ اللسان أقوى خطأً في باب الكلام من الشّفة ، فلِمَ لم يختصّ بالعقوبة؟ وغلطه في تأويل الآية أقبح ؛ لأنّه توهّم أنّ ما تضمّنته الآية يكون في الدنيا ، ونحن نجد كثيراً من آكلي الربا أخفّ نهوضاً ، وأسرع قياماً وتصرّفاً من غيرهم ؛ ممّن لم يأكلّ الربا ؛ وإنّما المراد بذلك عند قيامهم من قبورهم ، فيلحقهم ذلك عقوبة.
وليس بمعروف أنّ الأجذم هو المجذوم.
أقول : والنسيان قد يكون نشوء مزاج غالب على مزاج الإنسان كبرد
__________________
(١) ديوان الفرزدق : ٣٤٣ ؛ الطود : الجبل العظيم ؛ وائل اسم قبيلته ؛ هو مالك بن مسمع من بكر بن وائل ، كان سيّد ربيعة في زمانه ، وتوفّي سنة ٧٣ ؛ المعطس : الأنف.