٧١ ـ تأويل آية
إن سأل سائل عن قوله تعالى : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ * فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَة * أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْم ذِي مَسْغَبَة * يَتِيماً ذا مَقْرَبَة * أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَة)(١).
الجواب : أمّا ابتداء الآية فتذكير بنعم الله تعالى ، وما أزاح به عللهم في تكاليفهم ، وما تفضّل عليهم من الآلات التي يتوصّلون بها إلى منافعهم ، ويستدفعون بها المضارّ عنهم.
وأمّا النّجد لغةً فهو الموضع المرتفع.
واختلف في المراد بالنجدين ، فقيل : هما طريقا الخير والشرّ ؛ وهذا الوجه يروى عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وابن مسعود ، والحسن.
وقيل : هما ثديا الأم.
أقول : هذا الوجه بعيد ، لأنّ النجد الطريق وأيضاً كلّ الحيوانات هديت إلى الامتصاص من الثدي(٢).
وقيل : المراد بالنجدين أنّا بصّرناه وعرّفناه ما له وعليه ، وهديناه إلى طريق استحقاق الثواب وطريق استحقاق العقاب.
أقول : ويحتمل أنّه يراد بهما طريق تحصيل الدنيا وطريق تحصيل الأخرى ، أو طريق الجنّة والنار.
فأمّا قوله : (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) ؛ ففيه وجهان :
__________________
(١) البلد ١٠ ـ ١٦.
(٢) م : (الامتصاص من الثدي) ، وفيه بعض السقط هنا.