وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ * انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلىَ أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)(١) وعن قوله : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ)(٢).
فقال : كيف يقع من أهل الآخرة نفي الشرك عن أنفسهم ، والقسم بالله عليه وهم كاذبون ؛ ومع ذلك أنّهم عندكم في تلك الحال لا يقع منهم شيء من القبائح لمعرفتهم بالله ضرورة ؛ ولأنّهم ملجئون هناك إلى ترك جميع القبائح ، وكيف قال : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) فشهد عليهم بالكذب ، ثمّ علّقه بما لا يصحّ فيه معنى الكذب وهو التمنّي ؛ لأنّهم تمنّوا ولم يخبروا؟!
الجواب : قلنا : أوّل ما نقوله : إنّه ليس في ظاهر الآية ما يقتضي أنّ قولهم : (ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) إنّما وقع في الآخرة دون الدنيا ؛ وإذا لم يكن ذلك في الظاهر جاز أن يكون الإخبار تناول دار الدنيا ، وسقطت المسألة ؛ وليس لأحد أن يتعلّق في وقوع ذلك في حال الآخرة بقوله قبل الآية : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ) الآية(٣) ؛ لأنّه لا
__________________
(١) الأنعام : ٢٣، ٢٤.
(٢) الأنعام : ٢٧ ، ٢٨.
(٣) الأنعام : ٢٢ ؛ (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونََّ).