الموضع ، و (أفعلت) بالتخفيف هو الأصل ثمّ شدّد تأكيداً وإفادة لمعنى التكرار ؛ وهذا مثل أكرمت وكرّمت ، وأوصيت ووصّيت.
ورابعها : ما حكاه الكسائيّ وهو أنّ المراد أنّهم لا ينسبونك إلى الكذب فيما أتيت به ؛ لأنّه كان عندهم إنساناً صادقاً ؛ وإنّما كانوا يدفعون ما أتى به ، ويدّعون أنّه في نفسه كذب ؛ كقوله : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ)(١) ؛ ولم يقل : وكذّبك قومك. وكان الكسائىّ يقرأ : لا يكَذِبُونَكَ ؛ بالتخفيف وكذا نافع أيضاً.
وخامسها : أن يكون المعنى أنّ تكذيبك راجع إليّ ، وعائد عليّ ؛ ولستَ المختصّ به ؛ لأنّه رسول الله فمن كذّبه فهو في الحقيقة مكذّب لله ورادّ عليه. وذلك من الله على سبيل التسلية لنبيّه ، والتغليظ لتكذيبه.
وسادسها : المراد : (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) في الأمر الّذي يوافق فيه كتبهم ، وإن كذّبك في غيره.
ويمكن في الآية وجه سابع ، وهو أن يريد أنّ جميعهم لا يكذّبونك وإن كذّبك بعضهم ؛ أخبره الله(٢) تسلية له أنّ البعض وإن كذّبك فإنّ فيهم من يصدّقك ويتبعك.
٦٩ ـ تأويل آية
إن سأل سائل عن قوله تعالى : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إلاّ أَنْ قالُوا
__________________
(١) الأنعام : ٦٦.
(٢) م : (الله).