آدم ؛ لأنّه خلق حوّاء من آدم من ضلع من أضلاعه.
أقول : هذا القول باطل لأنّ حواء إنّما خلقت من جنس آدم ولم تخلق من ضلع منه لقوله : (خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً)(١) أي من جنسكم ليكون ذلك أشدّ أبناء وأبلغ مودّة ، فإنّ العقل ينكر ما قاله الجبائي وغيره والذي قال مثل مقالته.
وقوله : (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً) أي نسلاً صالحاً معافاً ، فهم الأولاد لأنّ حوّاء كانت تلد في بطن ذكراً وأنثى ، فيقال : إنّها ولدت خمسمئة بطن ألف ولد ، وعنى بقوله : (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) من نعمة ؛ وأضافا تلك النعمة إلى الذين اتخذوهم آلهة مع الله ، ولم يعن بقوله : (جَعَلا) آدم وحوّاء ؛ لأنّ الأنبياء لا يجوز عليهم الشرك ، وإلاّ لما وُثِقَ بكلامهم ؛ لأنّ من جاز عليه الكفر جاز أن يكذب ومن جاز عليه الكذب لم يؤخذ بأخباره ؛ فصحّ بهذا في قوله : (جَعَلا) إنّما عنى به النسلَ. وإنّما ذكر ذلك على سبيل التنبية ؛ لأنّهم كانوا ذكراً وأنثى ، ودلّ قوله : (فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) على صحّة تأويلنا.
ووجدت أبا مسلم بن بحر يحمل هذه الآية على أنّ الخطاب في (دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما وآتاهُما صالِحاً) راجعين إلى من أشرك ؛ ولم يتعلّق بآدم وحوّاء من الخطاب إلاّ قوله : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس واحِدَة) ؛ وقوله : (وَجَعَلَ
__________________
(١) الروم : ٢١.