٦٤ ـ تأويل آية
إن سأل سائل عن قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس واحِدَة وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها)(١) الآية.
فقال : أليس ظاهر هذه الآية يقتضي جواز الشرك على الأنبياء ؛ لأنّه لم يتقدّم إلاّ ذكر آدم وحوّاء ؛ فيجب أن يكون قوله : (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) يرجع إليهما.
الجواب : قلنا : كما أنّ ذكر آدم وحوّاء قد تقدّم ذكر ولد آدم في قوله : (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً) ؛ والمعنى : ولداً صالحاً ، والمراد به الجنس دون الواحد ؛ والمعنى : فلما آتاهما جنساً من الأولاد صالحين ؛ فيجوز أن يرجع قوله : (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ) إلى ولدهما.
فإن قيل : إنّما وجب ردّه إلى آدم وحوّاء لأجل التثنية ، قلنا : إن جعل هذا ترجيحاً في رجوعه إليهما جاز أن يجعل قوله : (فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) وجهاً لرجوع الكلام إلى جملة الأولاد(٢). ويجوز أن يكون قد أشير بالتثنية إلى الذكر والإنثى من ولد آدم أو إلى جنسين منهم.
قال الجبائيّ : إنّما عنى بها أنّه خلق بني آدم من نفس واحدة ؛ وهي
__________________
(١) الأعراف : ١٨٩ ، ١٩٠ ؛ (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس واحِدَة وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ * فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).
(٢) م : (جملة إلى الإرادة) /ر : (جملة إلى الأولاد).