شديداً ، وإنّني بحيث لا يخفى عليّ أحوال العباد ؛ وقد روي أنّ قوماً سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا(١) له : أربّنا قريب فنناجيه ، أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وثالثها : أن يكون معنى الآية أنّني أجيب دعوة الداعي إذا دعاني على الوجه الصحيح ، وبالشرط الّذي يجب أن يقارن الدعاء ؛ وهو أن يدعو باشتراط المصلحة ؛ ولا يطلب وقوع ما يدعو به على كلّ حال ؛ ومن دعا بهذا الشرط فهو مجاب على كلّ حال ؛ لأنّه إن كان صلاحاً حصل ما دعا به ؛ وإن لم يكن صلاحاً لفقد شرط دعائه ، فهو أيضاً مجاب إلى دعائه.
ورابعها : أن يكون معنى دَعانِي أي عبدني ، ويكون الإجابة هي الثواب والجزاء على ذلك ؛ فكأنّه قال : إنّني أثيب العباد على دعائهم لي ؛ وهذا ممّا لا اختصاص فيه.
وخامسها : ما قاله قوم من أنّ معنى الآية أنّ العبد إذا سأل الله شيئاً في إعطائه إيّاه صلاح فعله به وأجابه إليه ، وإن لم يكن في إعطائه إيّاه في الدنيا صلاح وخيرة لم يعطه ذلك في الدنيا ، وأعطاه إيّاه في الآخرة ، فهو مجيب لدعائه على كلّ حال.
وسادسها : أنّه إذا دعاه العبد لم يخل من أحد أمرين : إمّا أن يجاب دعاؤه ، وإمّا أن يجاز له بصرفه عمّا سأل ودعا ، فحسن اختيار الله تعالى له
__________________
(١) ر : (قال).