٤٠ ـ تأويل آية(١)
إن سأل سائل عن قوله تعالى : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)(٢)
فقال : كيف أضاف إلى نفسه اليد ؛ وهو يتعالى عن الجوارح؟
الجواب : قلنا : إن في الآية وجوهاً :
منها : أن يكون قوله : (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) جارياً مجرى قوله : «لما خلقت أنا» ، وذلك مشهور في اللغة.
ومنها : أن يكون معنى اليد النعمة ، ولا إشكال فيه.
وأمّا الوجه في تثنيتها فقد قيل فيه : إنّه أراد نعمة الدنيا ونعمة الآخرة ، فكأنّه قال : لنعمتي ؛ وأراد بالباء اللام.
ومنها : أن يكون اليد هنا القدرة ؛ يقول القائل : ما لي بهذا الأمر يد ولا يدان ، أي : لا أقدر عليه ولا أطيقه ؛ وليس المراد بذلك إثبات قدرة على الحقيقة ؛ بل إثبات كونه قادراً ، ونفي كونه قادراً ، فكأنّه قال : ما يمنعك أن تسجد لما خلقت وأنا قادر على خلقه.
أقول : ويجوز أن يكون إنّما أضافه إلى اليدين تشريفاً له وتعظيماً بخلاف من يخلق ثمّ إنّه يحتمل الأب والأمّ مثل أولاده كما قال : (طَهِّرا
__________________
(١) هذه الآية وتاويلها ليست في (م).
(٢) ص : ٧٥ ؛ (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ).