الجواب : فيه وجوه :
الأوّل : أن يكون المعنى : يضاعف لهم العذاب بما كانوا يستطيعون السمع فلا يسمعون ؛ وبما كانوا يستطيعون الإبصار فلا يبصرون ؛ عناداً للحقّ ، وذهاباً عن سبيله.
والثاني : أنّهم لاستثقالهم استماع آيات الله ، وكراهتهم تدبّرها وتفهّمها جروا مجرى من لا يستطيع السمع ، كما يقال : ما يستطيع فلان أن ينظر إلى فلان ، وما يقدر أن يكلّمه ؛ ومعنى : (وَما كانُوا يُبْصِرُون) أي إنّ(١) أبصارهم لم يكن نافعة(٢) لهم لإعراضهم عن تأمّل آيات الله وتدبّرها.
والثالث : أن يكون نفي السمع والبصر راجعاً إلى آلهتهم لا إليهم(٣) ؛ وتقدير الكلام : أولئك وآلهتهم لم يكونوا معجزين في الأرض ، يضاعف لهم العذاب ؛ ثمّ قال مخبراً عن آلهتهم : (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُون) ، وهذا الوجه يروى عن ابن عبّاس ، وفيه أدنى بعد.
ويمكن أن يكون في الآية وجه رابع ، وهو أن يكون ما في قوله : (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) ليست للنفي ؛ بل تجري مجرى قولهم : لأواصلنّك ما لاح نجم ؛ ولأقيمنّ على مودّتك ما طلعت شمس ؛ ويكون المعنى أنّ العذاب يضاعف لهم في الآخرة ؛ ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ؛ أي أنّهم معذّبون ما كانوا أحياء.
__________________
(١) م : (إنّ).
(٢) الأمالي : (إبصارهم لم يكن نافعا).
(٣) م : (لهم) بدل (إليهم).