تأخّر ؛ و (أن) الخفيفة وإن كانت للاستقبال ، فلم يبطل على تأويلنا معنى الاستقبال فيها ؛ لأنّ تقدير الكلام : وما تشاءون الطاعات إلاّ بعد أن يشاء الله تعالى ، ومشيئته لها قد كان لها حال استقبال.
ويمكن في الآية وجه آخر مع حملنا إيّاها على العموم ؛ من غير أن نخصّها بما تقدّم ذكره من الاستقامة ؛ ويكون المعنى : ما تشاءون شيئاً من أفعالكم إلاّ أن يشاء الله تمكينكم من مشيئته ، وإقداركم عليها والتخلية بينكم وبينها.
[أقول :] وأيضاً أن يكون المعنى إلاّ أن يشاء الله بأن يلطف بكم ويحبّبكم إليه ويقدّم في نفوسكم ذلك.
ويكون الفائدة في ذلك الإخبار عن الافتقار إلى الله ؛ وأنّه لا قدرة للعبد على ما لم يقدّره الله عليه.
٣٩ ـ تأويل آية
إن سأل سائل عن قوله : (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ)(١).
__________________
(١) هود : ٢٠ ؛ (أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعََ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) ، وسؤالهم : كيف نفي استطاعتهم للسمع والإبصار ، وأكثرهم قد كان يسمع بأذنه ويرى بعينه؟