والثالث : أن يكون المراد بتعذيبهم بذلك كلّ ما يدخله في الدنيا من الغموم والمصائب بأموالهم وأولادهم التي هي لهؤلاء الكفّار والمنافقين عقاب.
أقول : ويحصل أيضاً بإصلاحها وإحراسها وحفظها من السلاطين الظالمين الأوّل والأخر الهمّ والغمّ والعقاب ، ولهذا قال (صلى الله عليه وآله) : اللهمّ ارزق محمّدا الصلاة(١).
وللمؤمنين محبّة جالبة للعوض وللنفع.
ويجوز أيضاً أن يراد به ما ينذر به الكافر قبل موته ، وعند احتضاره(٢) ، من العذاب الدائم الّذي قد أعدّ له ، وإعلامه أنّه صائر إليه.
الرابع : يحكى عن الحسن ، واختاره محمّد بن جرير الطبريّ ، وهو أن يكون المراد به ما ألزمه هؤلاء الكفّار من الفرائض والحقوق في أموالهم ؛ لأنّ ذلك يؤخذ منهم على كره ، وهم إذا أنفقوا فيه أنفقوا بغير نيّة ولا عزيمة ؛ فتصير نفقتهم غرامة وعذاباً من حيث لا يستحقّون بها أجراً.
وهذا وجه غير صحيح ؛ لأنّ الوجه في تكليف الكافر إخراج الحقوق من ماله كالوجه في تكليف المؤمن ذلك ؛ ومحال أن يكون إنّما كلّف إخراج
__________________
(١) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) : (اللَّهُمَ ارْزُقْْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّد وَمَنْ أَحَبَّ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّد الْعَفَافَ وَالْكَفَافَ وَارْزُقْ مَنْ أَبْغَضَ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّد الْمَالَ وَالْوَلَدَ. (الكافي ، ٢ : ١٤٠).
(٢) م / ر : (احضاره) وفي الأمالي ما أثبتناه.