إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَِ)(١).
فقال : كيف يعذّبهم بالأموال والأولاد ، ومعلوم أنّ لهم فيها سروراً ولذّة؟ وما تأويل قوله تعالى : (وَهُمْ كافِرُونَ) وظاهره يقتضي أنّه أراد كفرهم من حيث أراد أن تزهق أنفسهم في حال كفرهم؟
الجواب : قلنا : أمّا التعذيب بالأموال والأولاد ففيه وجوه :
الأوّل : ما روي عن ابن عباس وقتادة ، وهو أن يكون في الكلام تقديم وتأخير ، ويكون التقدير : فلا يعجبك يا محمّد ولا يعجب المؤمنين أموال هؤلاء الكفّار والمنافقين ولا أولادهم في الحياة الدنيا ؛ إنّما يريد الله ليعذّبهم بها في الآخرة عقوبة لهم على منعهم حقوقها ؛ واستشهد بقوله : (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ماذا يَرْجِعُونَ)(٢) ، والمعنى : فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ، ثمّ تولّ عنهم.
وقد اعتمد الوجه قطرب ، والزجّاج وأبو القاسم البلخيّ.
[أقول :] أمّا الاستشهاد في الآية(٣) فلابدّ من هذا التقدير ، لأنّ المعنى عليه لا يصحّ لأنّه بخلاف الآية المذكورة.
والثاني : أن يكون المعنى التعذيبَ بالأموال والأولاد في الدّنيا هو ما
__________________
(١) التوبة : ٥٥.
(٢) النمل : ٢٨.
(٣) ر : (في الآية الاستشهاد).