جوهر من الخلق منه.
ورابعها : جواب أبي الحسن الأخفش ، وهو : أنّ المراد أنّ الإنسان خلق من تعجيل من الأمر ؛ لأنّه تعالى قال : (إنَّما قَوْلُنا لِشَيء) الآية(١).
أقول : هذا لا يختصّ بالإنسان والمقام للاختصاص.
وخامسها : قيل : العجل الطين ، فكأنّه قال : خلق الإنسان من طين ، واستشهد بقول الشاعر :
والنَّبعُ في الصَّخرَةِ الصَّمَّاءِ مَنبِتُه |
|
وَالنَّخلُ يَنبُتُ بَينَ الماءِ وَالعَجَلِ |
وقد حكى صاحب كتاب العين عن بعضهم أنّ العجل الحمأة(٢).
والبيت رواه ثعلب عن ابن الأعرابيّ ، ولا يوافق هذا الجواب قوله : (فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) ، وكان الوجه الأوّل أشبه بسياق الكلام وبحال الإنسان.
وسادسها : أن يكون المراد بالإنسان آدم عليه السلام ، ومعنى (مِنْ عَجَل) أي في سرعة من خلقه ، لأنّه لم يخلقه من نطفة فما بعدها كما خلق غيره ، وإنّما ابتدأه ابتداءً ، فكأنّه تعالى نبّه بذلك على الآية العجيبة في خلقه له.
وسابعها : ما روي أنّ الله خلق آدم بعد خلق كلّ شيء آخر ، نهار الجمعة على سرعة ، معاجلاً به غروب الشمس.
وروي أنّه لـمّا نفخت فيه الروح ، بلغت أعالىَ جسده ، ولم تبلغ
__________________
(١) النحل : ٤٠ ، والآية : (إنَّما قَوْلُنا لِشَيْء إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
(٢) الحمأة : الطين الأسود المتغيّر المجتمع أسفل البئر (مجمع البحرين ج١ ص١٠٧).