إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ)(١) ، والمراد المتأوّل ، والمتأوّل الّذي لا يعلمه العلماء ؛ وإن كان تعالى عالماً به ، كنحو وقت الساعة ، ومقادير الثواب والعقاب ، وصفة الحساب ، وتعيين الصغائر ؛ إلى غير ذلك ؛ فكأنّه قال : وما يعلم تأويل جميعه. على المعنى الّذي ذكرناه إلاّ الله ؛ والعلماء يقولون آمنّا به.
وقد قوّى أبو عليّ الجبائي هذا الوجه ، وضعّف الأوّل.
قال السيّد : لو قيل : إنّ الجواب الأوّل أقوى من الثاني لكان أولى.
أقول : لأنّ القرآن إنّما أنزل ليعلم معانيه ويعمل بما فيه فإذا لم تعلم معانيه لم يعمل بما فيه ، فيكون مهملاً تعالى عن ذلك ، وأمّا إذا فهم أهل العلم الراسخون معانيه وعلّموها الناس كان قد عمل بما أنزل له فتعظم فوائده ويحصل الثواب العظيم بذلك.
ويمكن في الآية وجه ثالث لم يذكروه ، وهو أن يكون قوله : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) مستأنفاً غير معطوف ، ويكون المعنى : وما يعلم تأويل المتشابه بعينه وعلى سبيل التفصيل إلاّ الله ؛ وهذا صحيح.
لأنّ أكثر المتشابه قد يحتمل الوجوه الكثيرة المطابقة للحقّ ، الموافقة لأدلّة العقول ؛ فيذكر المتأوّل جميعها ، ولا يقطع على مراد الله منها بعينه ، لأنّ الّذي يلزم في ذلك أن يعلم في الجملة أنّه لم يرد من المعنى ما يخالف
__________________
(١) الأعراف : ٥٣.