الجواب : قلنا : فيه وجهان :
الأوّل : أن يكون الراسخون معطوفين(١) على الله تعالى ؛ فكأنّه قال : وما يعلم تأويله إلاّ الله وإلاّ(٢) الراسخون في العلم ، وإنّهم مع علمهم به (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) ، والمعنى أنّهم يعلمونه قائلين : (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) وهذا غاية المدحة لهم ؛ لأنّهم إذا علموا ذلك بقلوبهم ، وأظهروا التصديق به على ألسنتهم فقد تكاملت مدحتهم ، ويشهد بذلك قول يزيد(٣) :
الرّيح تبكي شجوه |
|
والبرق يلمع في الغمامة(٤) |
فعطف البرق على الريح ، ثمّ أتبعه بقوله : (يلمع في الغمامة) ؛ فكأنّه قال : والبرق أيضاً يبكيه لامعاً في غمامه.
الثاني : أن يكون قوله : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) مستأنفاً غير معطوف ، ثمّ أخبر عنهم أنّهم : (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) ، ويكون المراد بالتأويل على هذا الجواب المتأوّل ، لأنّه قد يسمّى تأويلاً ، قال تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ
__________________
الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ ، وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلاّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا ، وَما يَذَّكَّرُ إلاّ أُولُوا الألْبابِ).
(١) م / ر : (معطوفون) وهو خطأ.
(٢) م / ر : (إلاّ).
(٣) هو يزيد بن زياد بن ربيعة الحميري. المعروف بيزيد بن مفرغ (ت ٦٩ هـ) من أصل يمني من قبيلة يحصب.
(٤) البيت ذكره ابن فارس وفيه (غمامة) بدون ال. (الصاحبي في فقه اللغة : ١٨١).