ثمّ قوله : (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) ففيه وجوه :
أوّلها : أن يكون الذين علموا غير الذين لم يعلموا ، ويكون الذين علموا الشياطين والذين لم يعلموا هم الذين تعلّموا السحر ، وشروا به أنفسهم.
وثانيها : أن يكون الذين علموا هم الذين لم يعلموا ؛ إلاّ أنّهم علموا شيئاً ولم يعلموا غيره ، فكأنّه وصفهم بأنّهم عالمون بأنّه لا نصيب(١) لمن اشترى ذلك ورضيه لنفسه على الجملة ، ولم يعلموا كنه ما يصيرون إليه من عقاب الله الّذي لا انقطاع له.
وثالثها : أن يكون الفائدة في نفي العلم بعد إثباته أنّهم لم يعملوا بما علموا ، فكأنهم لم يعلموا.
ورابعها : أن يكون المعنى أنّ هؤلاء الّذين قد علموا أن الآخرة لا حظّ لهم فيها مع عملهم القبيح ، إلاّ أنّهم ارتكبوا طمعاً في حطام الدنيا وزخرفها.
٣٠ ـ تأويل آية
إن سأل سائل عن قوله : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا)(٢).
__________________
(١) الأمالي : (يصيب).
(٢) آل عمران : ٧ ؛ والآية : : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ