تعيّن لهم من الكلام كما يفعل المسكّت منّا لصاحبه ، والرّادّ لقوله.
وثالثها : أن تكون الهاء في الأيدي والتي في الأفواه معاً للرسل ؛ والمعنى أنّهم كانوا يأخذون أيدي الرسل فيضعونها على أفواههم ليسكتوهم ، ويقطعوا(١) كلامهم.
ورابعها : أن يكون الهاءان جميعاً يرجعان إلى الكفّار فيكون المعنى أنّهم إذا سمعوا وعظهم وإنذارهم وضعوا أيدي أنفسهم على أفواههم ، مشيرين لهم بذلك إلى الكفّ عن الكلام والإمساك عنه ؛ كما يفعل من يريد منّا أن يسكّت غيره ، ويمنعه من الكلام ، من وضع إصبعه على فم نفسه.
وخامسها : أن يكون المعنى : فردّوا القول بأيديهم إلى أفواه الرّسل ، أنّهم كذّبوهم ، ولم يصغوا إلى أقوالهم ، فالهاء الأولى للقوم ، والثانية للرسل ؛ والأيدي إنّما ذكرت مثلاً وتأكيداً ؛ كما يقال : أهلك فلان نفسه بيده ، أي وقع الهلاك به من جهته ، لا من جهة غيره.
وسادسها : أنّ المراد بالأيدي النعم وفِي محموله على الباء ، والهاء الثانية للقوم المكذّبين والتي قبلها للرّسل ، والتقدير : فردّوا بأفواههم نعم الرّسل ؛ أي ردّوا وعظهم وإنذارهم وتنبيههم على مصالحهم الّتي لو قبلوها كانت نعماً عليهم.
ويجوز أن يكون الهاء التي في الأيدي الكفّار ، لأنّها نعم من الله تعالى
__________________
(١) م / ر : «ليسكتونهم ويقطعون» ، وما أثبتناه صحيح والأمالي هكذا.