أحدها
: أن يكون المعنى : فغشيهم من ماء اليمّ البعضُ
الّذي غشيهم ، لأنّه لم يغشَهم جميعُ مائه ، بل غشيهم بعضُه ، فقال : (ما
غَشِيَهُمْ)
؛ ليدلّ على أنّ الّذي غرّقهم بعضُ الماء ، وأنّهم لم يغرقوا بجميعه ؛ واعتمد هذا
الوجه الفرّاء ، وابن الأنبارىّ.
وثانيها
: أن يكون المعنى : فغشيهم من اليمّ ما غشِي
موسى وأصحابه ؛ لأنّ موسى وأصحابه ، وفرعون وأصحابه سلكوا جميعاً البحرَ ، وغشيهم
كلّهم ؛ إلاّ أنّ فرعون وأصحابه لمّا غشيهم غرّقهم ، بخلاف موسى وأصحابه ، ويكون الهاء
في قوله : (ما غَشِيَهُمْ) كناية عن موسى وقومه.
وثالثها
: أنّه غشيهم من عذاب اليمّ وإهلاكه ما غشِي
الأمم السالفة من العذاب والهلاك عند تكذيب أنبيائهم.
ورابعها
: أن يكون المعنى : فغَشِيَهم من قبل اليمّ
ما غشيهم من العطب والهلاك ؛ فيكون لفظة (غَشِيَهُمْ) : الأولى للبحر والثانية للهلاك
والعطب اللذين لحقاهم من قبل البحر.
ويمكن في الآية وجهٌ آخرُ لم يذكر فيها ،
وهو واضح لائق بمذاهب العرب في استعمالهم مثلَ هذا اللفظ ، وهو أن يكون الفائدة في
قوله تعالى : (ما غَشِيَهُمْ) تعظيم الأمر وتفخيمه ؛ كما يقول القائل
:
فعل فلان ما فعل ، وأقدم على ما أقدم ، إذا
أرادوا التفخيم وكما قال