كيف تبلغ القلوب الحناجر مع كونهم أحياءً؟ ومعلوم أنّ القلب إذا زال عن موضعه المخلوق فيه مات صاحبه في الحال وعن أيّ شيء زاغت الأبصار وبأيّ شيء تعلّقت ظنونهم بالله؟
الجواب : قيل له : في هذه الآية وجوه :
منها : أن يكون المراد بذلك أنّهم جبنوا وفزع أكثرهم لمّا أشرف المشركون عليهم ، وخافوا منهم ، ومن عادة الجبان عند العرب إذا اشتدّ خوفه أن تنتفخ رئته ، وليس يمتنع أن تكون الرئة إذا انتفخت رفعت(١) القلب ، ونهضت به إلى نحو الحنجرة. وهذا التأويل ذكره الفرّاء وغيره ، وابن عبّاس.
أقول : وهو بعيد بل محال ، لأنّ القلب لا يبلغ إلى هناك على كلّ حال ، وأيضاً فهناك لا يسعه ، وأيضاً كانت تحترق الحنجرة والرقبة وما حولهما بحرارتها المفرطة ، وكان يشتعل الدماغ وتبرد الأعضاء السفلانية ، ويفسد البدن ويهلك. وأيضاً إنّ الرئة مرتبطة والقلب مرتبط برباطات محكمة تربطهما وتوثقهما في مكانهما الطبيعي(٢) ، ولو تغيّرا عن أمكنتهما الطبيعية فسدا وفسد بفسادهما البدن كلاًّ(٣).
__________________
(١) م / ر : (رفع) ؛ غير أنّه في الأمالي : (رفعت) ، وهذا أفضل.
(٢) م / ر : (الطبع) ، والصحيح (الطبيعي).
(٣) هذه الجمل فيها بعض التشويش في الضمائر في النسختين ، وهي : (وأيضاً إن الرئة مرتبطة والقلب مرتبط برباطات محكمة تربطهما وتوثقهما في مكانها الطبيعي ، ولو تغيّر عن أمكنتها الطبيعية فسدا وفسد بفسادها البدن كلاًّ).