يتّقي أهلها النّفوس عليها |
|
فعلى نحرها الرّقي والتّميم(١) |
والنفس من الدّباغ مقدار الدّبغة ؛ والنفس الغيب ، يقال : إنّى أعلم نفس فلان ، أي : غيبه ؛ وعلى هذا تأويل الآية أي : تعلم غيبي وما عندي ، ولا أعلم غيبك. وقيل : إنّ النفس العقوبة ، من قولهم : أحذّرك نفسي ؛ أي : عقوبتي ؛ ومنه : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) أي : عقوبته. وروي ذلك عن ابن عبّاس والحسن.
وقيل : معناه : ويحذّركم الله إياه. وقد روي عن الحسن ومجاهد في الآية ما قلناه.
أقول : النفس في الأصل ذات الشي ، ثمّ قيل للقلب نفس أيضاً ، لأنّ النفس به تقوم ، وقيل للروح نفس وللدّم نفس ، لأنّ قوامهما بالدم ، وللماء نفس لفرط حاجتها إليه ، ونفس الرجل أي عين وحقيقة أصيبت نفسَه ، وأمّا الخبرُ فمعناه أنَّ من ذكرني في نفسه جازيته على ذكره لي ، وإذا تقرّب إليّ شبراً جازيته على تقرّبه ، وكذا إلى آخر الخبر ، فسمّي المجازاة على الشيء باسمه اتّساعاً ، نحو : (وَجَزاءُ سَيِّئَة سَيِّئَةٌ مِثْلُها)(٢).
١٨ ـ تأويل آية
إن سأل سائل عن قوله : (إذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ)(٣) الآية ؛ فقال :
__________________
(١) ديوان عبيد الله بن قيس الرقيّات : ١٩٥.
(٢) الشورى : ٤٠.
(٣) الأحزاب : ١٠. تمام الآية : (إذْ جاؤُوْكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا).