نَفْسِكَ)(١).
ما أراد بالنفس هنا؟ وهل المعنى في هذه الآية كالمعنى في قوله : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ)(٢) أو يخالفه؟ والمراد بالنفس فيهما ما رواه أبو هريرة عن النبي : عليه السلام أنّه قال : يقول الله عزّ وجلّ : «إذا أحبّ العبد لقائي أحببت لقاءه ،إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه ، وإذا تقرّب إليَّ شبراً تقرّبتُ إليه ذراعاً ، وإذا تقرّب إليّ ذراعاً تقرّبتُ إليه باعاً»(٣) ، أو لا يطابقه؟
الجواب : قلنا : إنّ النفس في اللغة لها معان مختلفة ، ووجوه في التصرّف متباينة ؛ فالنفس نفسُ الإنسان وغيره من الحيوان ، وهي التي إذا فقدها خرج عن كونه حيّاً ، ومنه قوله تعالى : (كُلُّ نَفْس ذائِقَةُ الْمَوْتِ)(٤). والنّفس ذات الشيء الّذي يخبر عنه كقولك : فعل فلان ذلك نفسه(٥). والنفس : الأنفة ، كقولك : ليس لفلان نفسٌ ، أي : لا أنفة له. والنفس الإرادة ، كقولهم : نفس فلان في كذا ، أي : إرادته. والنفس العين التي تصيب الإنسان ، يقال : أصابت فلاناً نفس ، أي : عين. قال ابن الرّقيّات(٦) :
__________________
(١) المائدة : ١١٦.
(٢) آل عمران : ٢٨.
(٣) هذا الحديث القدسي أورده الشريف المرتضى في الأمالي بـ : (إذا) بدل (إن).
(٤) آل عمران : ١٨٥.
(٥) م : (في نفسه) وفي الأمالي : (فعل ذلك فلان نفسه).
(٦) هو عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك ، من بني عامر بن لؤي ، ابن قيس الرقيّات. (ت ٨٥ هـ).