ينصرفون بسوء اختيارهم(١) عنه.
أقول : فيه نظر.
وثامنها : أن يكون الصّرف هنا معناه المنع من إبطال الآيات والحجج ، والقدح فيها بما يُخرجها عن أن تكون أدلّةً وحججاً ، فيكون تقدير الكلام : إنّي بما أؤيّده من حججي ، وأحكمه من آياتي وبيّناتي ؛ صارفٌ للمبطلين والمكذّبين عن القدح في الآيات والدّلالات ، ومانعٌ لهم ممّا كانوا ـ لولا هذا الإحكام والتأييد ـ يفترضونه ويغتنمونه من تمويه الحقّ ولبسه بالباطل.
وتاسعها : أنّ الله تعالى لـمّا وعد موسى عليهالسلام وأمّتَه إهلاك فرعون ، قال : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) ، وأراد جلّ وعزّ أنّه يُهلكهم ويجتاحهم(٢) على طريق العقوبة بتكذيبهم ، ـ.
أقول : إنّه تعالى لا يلطف بهم لأنّهم غير قابلين ، وكذلك صرفوا عن آياته وعمّا يجب عليهم ، وكأنّه الوجه ، لأنّه لو لطف بهم وهم قابلون(٣) للّطف لكان ذلك عبثاً. ـ وبشّر مَن وعده بهذه الحال مِن المؤمنين بالوفاء بها.
١٧ ـ تأويل آية
إن سأل سائل عن قوله تعالى : (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي
__________________
(١) م : (اخبارهم).
(٢) أي : يستأصلهم.
(٣) م / ر : (قابلين).