بين الكافر والمؤمن ؛ فيكون معنى(١) سأصرفهم عنها ، أي : أعدل بهم عنها ، وأخصّ بها المؤمنين المصدّقين بآياتي وأنبيائي.
وخامسها : أن يريد تعالى : أنّي أصرف مَن رام المنعَ مِن أداء آياتي وتبليغها ؛ لأنّ مِن الواجب على الله تعالى أن يحُول بين مَن رامَ هذا بينه وَبينه ؛ ولا يمكّن منه ؛ لأنّه ينقض الغرض من البعثة. ويجري ذلك مجرى قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)(٢) ؛ فتكون الآيات هنا القرآنَ.
وسادسها : أن يكون الصرف هنا الحكم والتسمية والشهادة ، ومعلومٌ أنّ مَن شهد على غيره بالانصراف عن شيء ، جازَ أن يقال : صرفه عنه ، كما يقال : أكفره وكذّبه وفسّقه ؛ وكما قال جلّ مِن قائل : (ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ)(٣) ؛ أي شهد عليها بالانصراف عن الحقِّ والهدى.
وسابعها : أنّه تعالى لمّا علم أنّ الذين يتكبّرون في الأرض بغير الحقّ سينصرفون عن النظر في آياته والإيمان بها إذا أظهرها على أيدي رسله عليهمالسلام جاز أن يقول : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِي) فيريد سأظهر ما
__________________
(١) م : (المعنى).
(٢) المائدة : ٦٧ ، والآية : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرينَ).
(٣) التوبة : ١٢٧. (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْض هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَد ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُون).