يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ)(١).
فقال : أيّ وجه لتشبيه الذين كفروا بالصائح بالغنم ، والكلام يدلّ على ذمّهم ووصفهم بالغفلة وقلّة التأمل والتمييز ، والناعق بالغنم قد يكون مميّزًا متأمّلا ، يقال له : في هذه الآية خمسة أوجه :
أوّلها : أن يكون المعنى مثل واعظ الذين كفروا والداعي لهم إلى الإيمان والطاعة ، كمثل الراعي الذي ينعق بالغنم ، وهي لا تعقل معنى دعاية ، وربّما تسمع صوته ولا تفهم غرضه.
الثاني : أن يكون المعنى : الذين كفروا كمثل الغنم التي لا تفهم نداء الناعق ، وأضاف تعالى المثل الثاني إلى الناعق ، وهو في المعنى مضاف إلى المنعوق به ، على مذهب العرب في قولها : (انتصب العود على الحرباء) ، والمعنى انتصب الحرباء على العود ، وجاز التقديم والتأخير لوضوح المعنى ، وأنشد الفراء(٢) :
كانَت فَرِيضَةَ ما تَقولُ كَما |
|
كانَ الزِناءُ فَرِيضَةَ الرَجمِ(٣) |
والمعنى : كما كان الرجم فريضة الزنا ، وأنشد(٤) :
__________________
(١) البقرة : ١٧١.
(٢) الشعر للنّابِغَةِ الجَعدِيّ وهو قيس بن عبد الله ، بن عُدَس بن ربيعة ، الجعدي العامري ، أبو ليلى. (ت ٥٠ هـ).
(٣) ديوان النابغة الجعدي : ١٦٩.
(٤) البيت لرؤبة العجّاج ، وهو رؤبة بن عبد الله العجّاج بن رؤبة التميمي السعدي أبو الجحّاف أو أبو محمّد. (ت ١٤٥هـ).