(يَطُوفُونَِ بَيْنَها وَبَيْنَ حَميم آن)(١) ثمّ إنّ الله تعالى ذكر جنّة حيث قال : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ)(٢) ولكلّ جنّة ثمانية أبواب ، تفتح كلّها للمتّقين ، ذكر من أوّل السورة إلى ذكر آيات التخويف ثماني مرّات ، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) فصار المجموع ثلاثين مرّةً.
الثالث : أنّه كرّر ثلاثين مرّةً بعد المرّة الأولى ، لأنّ الخطاب مع الإنس والجان ، والنعمة منحصرة في دفع المكروه وتحصيل المقصود ، لكن أعظم المكروهات عذاب جهنّم ، ولها سبعة أبواب ، وأتمّ المقاصد نعيم الجنّة ولها ثمانية أبواب فإغلاق الأبواب السبعة وفتح الأبواب الثمانية جميعه نعمة ، وإذا اعتبر تلك بالنسبة إلى جنس الإنس والجنّ يكون ثلاثين مرّةً ، وهي مرّات التكرير للتقرير ، والمرّة الأولى لبيان فائدة الكلام ، فهذا غاية ما يقال هنا.
١٣ ـ تأويل آية
إن سأل سائل عن قوله تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ) الآية(٣).
__________________
(١) الرحمن : ٤٤.
(٢) الرحمن : ٤٦.
(٣) البقرة : ١٧٧ ؛ (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبىَ وَالْيَتامى وَالْمَساكينَ وَابْنَ السَّبيلِ وَالسَّائِلينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ